اكد رئيس الجمهورية جوزاف عون، أنّ "لبنان متمسك باستكمال الانسحاب الإسرائيلي مما تبقى من الأراضي المحتلة في الجنوب ضمن المهلة المحددة في الاتفاق الذي تم التوصل اليه في 27 تشرين الثاني الماضي".
وابلغ الرئيس عون وزيرة الدفاع الاسبانية ماغريتا روبلس التي استقبلها في قصر بعبدا، ان "عدم التزام إسرائيل بالانسحاب يناقض التعهدات التي قدمت للبنان خلال المفاوضات التي سبقت التوصل للاتفاق، ويبقي الوضع متوترا في القرى الحدودية ويحول دون تثبيت الاستقرار وعودة الأهالي الى بلداتهم ويعيق عملية إعادة اعمار ما دمره العدو الإسرائيلي خلال عدوانه على لبنان".
وأوضح الرئيس عون انه" اجرى اتصالات عدة لارغام إسرائيل على الانسحاب، وانه لقي تجاوبا من المجتمع الدولي الذي يفترض ان تضغط دوله في هذا الاتجاه". وشكر الرئيس عون الوزيرة الاسبانية على زيارتها، منوها بالدور الذي تلعبه الكتيبة الاسبانية العاملة ضمن "اليونيفيل" والجهود المميزة التي يبذلها قائد القوات الدولية الجنرال ارلاندو لازارو، والتنسيق الكامل مع وحدات الجيش المنتشرة في منطقة العمليات الدولية.
وكانت الوزيرة روبلس قدمت التهاني للرئيس عون بانتخابه رئيسا للجمهورية، وأكدت دعم بلادها للدورالذي يقوم به في إعادة نهوض لبنان بعد الظروف الصعبة التي مرّ بها.
وقالت ان اسبانيا ستقف الى جانب لبنان والشعب اللبناني ومستمرة في عملها ضمن القوات الدولية، لافتة الى ضرورة تحقيق الانسحاب الإسرائيلي في موعده حفاظا على الاستقرار في الجنوب وعلى ما تحقق في هذا الصدد. وأشارت الى العمل مع الاتحاد الأوروبي لمساعدة لبنان في المجالات كافة.
واستقبل الرئيس عون رئيس المجلس الإسلامي العلوي الشيخ علي قدور على رأس وفد، حيث تحدث الشيخ قدور فقال: "مبارك لنا بكم ومبارك للبنان، والحمدلله على انجاز هذا الاستحقاق الوطني الكبير بإنتخابكم رئيسا للجمهورية اللبنانية، ما بعث في نفوسنا الامل لأسباب عدة، ابرزها ان انتخاب فخامتكم هو ما كانت تشخص اليه انظار الشعب اللبناني جيمعا. ونسأل الله ان يديم علينا هذه النِعَم لما يتمتع به شخصكم الكريم من مميزات وخصائص القائد الشجاع النزيه. ونحن رأينا فيكم القائد الوطني الإستثنائي الذي عمل على وحدة الشعب اللبناني ووحدة أراضيه، والذود والدفاع عنها".
وقال: "أنا اعلم انكم تمقتون اللغة الطائفية والمذهبية لأن طائفتكم هي لبنان، ولكن من باب ما نأمله ان تلحظوا الطائفة الإسلامية العلوية حيث هناك مظلومية لجهة مشاركتها في الحكومة اللبنانية لأنها حرمت منها في الحكومات السابقة، ومطلبنا ليس طائفيا او فئويا انما خطوة نحو الإصلاح السياسي وتحفيز للمشاركة الوطنية."
ورد الرئيس عون مرحبا بالشيخ قدور والوفد المرافق، مؤكدا "اننا ننبذ الطائفية والمذهبية ونتفيأ العلم اللبناني، حاملين الهوية نفسها. ولبنان مكون من طوائف عدة وهذا غناه"، مشيراً الى أنه في كل طائفة هناك نخبا، ومن حق كافة المكونات ان تكون ممثلة بالحكومة ومجلس النواب والإدارات العامة، كما هو معمول به في الجيش على أي حال"، مشددا على "انه لدينا فرصا كبيرة نأمل الإفادة منها بتضافر جهود كافة مكونات المجتمع اللبناني من مدنية وروحية وسياسية. معا نحن قادرون على النهوض ببلدنا".
وإذ اكد الرئيس عون انه علينا ان نقابل إنتظارات دول العالم لنا بإشارات إيجابية، فإنه امل تأليف الحكومة بأسرع وقت "كي نخلق إستقرارا سياسيا واقتصاديا وأمنيا فيتمكن المواطنون من ان يعيشوا بكرامة وليس فقط ببحبوحة".
وقال الرئيس عون "ان خطاب القسم اتى نتيجة تجربتي على الأرض مع الشعب، وعيشي مع معاناته من الشمال والبقاع والجنوب حيث خدمت. وهذه المعاناة ترجمتها في خطاب القسم، على أمل ترجمتها على ارض الواقع فلا تبقى حبرا على الورق"، مكررا "اننا على مفترق طرق فإما ان نستفيد من الظرف، ونخرج من صغائر الأمور الطائفية والمذهبية والسياسية ، او نذهب الى مكان آخر ولا يكون فيه الحق على الآخرين بل علينا لأننا لم نقم بواجباتنا".
بعد اللقاء، صرح الشيخ قدور فقال: "طلبنا منه ان يلحظ الطائفة العلوية بتوزير علوي في الحكومة المرتقبة، حيث حرمت هذه الطائفة من التوزير في الحكومات السابقة. مطلبنا ليس طائفيا او فئويا، وانما هو خطوة نحو تصحيح الخلل السياسي وتعزيز المشاركة الوطنية".
ثم صرح محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر الذي التقى الرئيس عون، قائلا:" ان طبيعة الزيارة للرئيس هي زيارة تهنئة تحت مظلة المجلس الإسلامي العلوي، اما الملفات المتعلقة بمحافظة بعلبك والهرمل، فسيتم التطرق اليها في موعد لاحق. موضوع إعادة الاعمار يهم كل اللبنانيين الذين تضرروا خلال الحرب، وكلنا ثقة بهذا الموضوع، كما اكد رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف. لذلك يستبشر اللبنانيون خيرا بعد كل الأجواء الإيجابية التي رافقت الانتخاب والتكليف".
وكان الرئيس عون استقبل في قصر بعبدا وفد عائلة الامام السيد موسى الصدر الذي ضم شقيقته رباب الصدر شرف الدين ونجله السيد صدر الدين الصدر وابنته السيدة مليحة الصدر.
ونقل الوفد الى الرئيس عون تهاني العائلة بانتخابه رئيسا للجمهورية منوها بمواقفه ومتمنيا له التوفيق في مهامه الرئاسية. وعرض الوفد ملابسات تغييب الامام الصدر والمراحل التي قطعتها التحقيقات القضائية والاتصالات الجارية لمعرفة مصيره مع رفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين.
وشكر الرئيس عون وفد عائلة الامام الصدر على زيارته معربا عن تقديره لمواقف الامام والقيم الإنسانية والفكرية التي يمثلها، مستذكرا خصوصا دعواته الدائمة لبناء الانسان في لبنان وتحييده عن الصراعات. واكد استمرار العمل على مختلف المستويات لكشف الملابسات التي لا تزال تحيط باستمرار اختفائه. ونوه الرئيس عون بما تقوم به مؤسسات الامام الصدر باشراف السيدة رباب الصدر على الصعد الاجتماعية والإنسانية والتربوية.
واستقبل الرئيس عون سفير لبنان في الفاتيكان السفير غدي خوري وعرض معه للعلاقات بين لبنان والكرسي الرسولي.
كما استقبل الرئيس عون المدير العام السابق للامن العام اللواء عباس إبراهيم مهنئا واجرى معه جولة افق تناولت الأوضاع العامة في البلاد.
وكان الرئيس عون، قد التقى رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل والنائبة السابقة بهية الحريري.
وكان قد أشار الجميّل بعد اللقاء إلى الثقة بأن رئيس الجمهورية سيكون على قدر المسؤولية، وله الدور الأساسي في إنقاذ البلد وانتشاله من هذا المستنقع الغارق فيه، ونعتبر انتخابه خلاصاً لبلدنا".
ودعا الى تضامن الشعب كله مع رئيس الجمهورية في مهمة الإنقاذ بعد المخاض الذي مرّ به لبنان. وقال ان تكليف رئيس الحكومة المكلف نواف سلام في هذا الظرف، يذكّر بالشعار الذي اطلقه الرئيس صاب بك سلام: لبنان واحد لا لبنانان، آملاً ان يتم تطبيق هذا الشعار في الوقت الراهن. ورأى انه إذا كان هناك من أحد من المفروض ان يقوم بتضحيات ويسرِّع تشكيل الحكومة، فهو الثنائي الشيعي، إذ ان مصلحته هي في الدولة التي هي الخلاص له.
وردا على سؤال حول ما اذا كانت لديه مخاوف لعرقلة تشكيل الحكومة عبر وضع بعض الشروط، أجاب: "لن أدخل الآن بالتفاصيل لأن رئيس الحكومة المكلف يبذل كل الجهود لإنقاذ لبنان، لكن لا يمنع ان نعرف ان هناك رواسب وسوابق ومعطيات تجعلنا نتساءل. وما افكر به انه من مصلحة حزب الله وحركة امل، بأسرع وقت، ان يقف لبنان على رجليه ويحقق الحد الأدنى من الخدمات والضمانات، قبل مصلحة أي كان. لا يقدر اليوم حزب الله وحركة امل الاستمرار كما في الماضي، نظرا للظروف التي كانت في البلد من كافة النواحي. لن ادخل في تفاصيل وضع حزب الله اليوم وما يعانيه الثنائي الشيعي من مشاكل وعزلة، إن صحَّ التعبير. من مصلحة الحزب اليوم، ولا خيار له سوى العودة الى الدولة. الدولة تحميه وتنقذه وتطعمه وهي المرجع الأساسي اليوم الذي لا بديل عنه. وإذا كان هناك من أحد من المفروض ان يقوم بتضحيات ويسرِّع تشكيل الحكومة فهو الثنائي الشيعي، إذ ان مصلحته هي في الدولة التي هي الخلاص له."
وردا على سؤال حول الاتجاه الى ترك حقيبة وزارة المالية بيد الثنائي الشيعي في حين نتكلم على مرحلة جديدة وعهد جديد وتشكيلة وزارية مختلفة عن الحكومات المتعاقبة السابقة، أجاب: "دعونا لا ندخل الآن في التفاصيل. نحن لدينا ملء الثقة بأن الرئيس نواف سلام سيجد مع فخامة الرئيس المخرج اللازم للموضوع. كما ان الواقع على الأرض يفرض أحيانا بعض التضحيات. ما يهمنا هو إنقاذ البلد ليقف مجددا على رجليه، أيا كانت التضحيات التي يمكن للإنسان ان يقوم بها. وكما ذكرت، اليوم، من مصلحة حزب الله وحركة امل ان يعودا الى كنف الدولة، ومن مصلحة الدولة ان ترعى الجميع سواسية وبالتساوي. اما التفاصيل الصغيرة، فيمكن ان تُبحَث بهدؤ أعصاب."
إلى ذلك، نقلت بهية الحريري إلى الرئيس عون تهاني رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري وتمنياته له بالتوفيق والنجاح في مهامه، في ظل هذا الظرف الدقيق الذي يمرّ به لبنان.
وأشارت الى ان الحريري أشاد بخطاب القسم، ورأى فيه خارطة طريق حقيقية للنهوض بلبنان واخراجه من المشاكل التي تعصف به منذ سنوات، وانه لا بد من تكاتف اللبنانيين لمساندة الرئيس عون على تحقيق البنود الواردة فيه.
وجرى خلال اللقاء، عرض الأوضاع العامة في البلاد وحاجات منطقة صيدا.
من جهة أخرى، اجرى الرئيس عون اتصالاً هاتفياً بالبروفسور عصمت غانم العائد الى لبنان بعد تعيينه أول رئيس غير فرنسي للجمعية الفرنسية لجراحة العظام عند الأطفال.
وراى رئيس الجمهورية ان ما حققه البروفسور غانم، هو انجاز لجميع اللبنانيين، ودليل على ان الرهان على نجاح اللبنانيين رغم كل الصعوبات والتحديات، هو رهان صائب ويجب ان يحفّزنا جميعاً على التعاضد للنهوض بالبلد. وتمنى الرئيس عون للبروفسور غانم النجاح في مسؤولياته الجديدة، وان يستمر بثبات على النهج الذي اختاره.